الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

صوت التنفس عند الجماع

من المعلوم أن معدل التنفس وثيق الصلة بالعاطفة والوجدان، ويرتبط بمعدل خفقان القلب، وضغط الدم، ولذا فإنه يرتفع مع وجود المشاعر الجنسية، وتناميها، ويزداد مع استمرار التهيج الجنسي، ثم يصل لذروته في مرحلة الإيغاف أو الإيلاج، والناس في ذلك يختلفون فمنهم من لا يلحظ في أنفاسه تغيرا، وفي المقابل : منهم التي تضطرب أنفاسه وتعلو حمحمةً وصفيراً، أو شهيقاً وزفيراً، بل حتى صياحاً ونخيراً...
وقد ورد عن الإمام علي قوله ( عليكم بالحارقة من النساء ) وهو نَعْتٌ مَحْمُودٌ للمرأة عِنْدَ الجماع، ومما قيل في تفسيره وبيان معناه : أنها التي تَغْلِبُها الشهوَةُ وقت الجماع حَتى تَحْرِقَ أَنْيابها بعضَها على بَعْضٍ ـ أي تحكهما ببعض، أو تقوم جاهدة بضم شفتيها والعض عليها ـ إِشْفاقاً من أَنْ تَبْلُغ الشَهْوَةُ بها الشَّهِيقَ أَو النخِيرَ وإظهارهما فتسْتحي من ذلِك، ويكفي أن يرد في ذهن أي شخص تصور هذا الوصف وتخيله ليدرك مدى تأثر التنفس وأثره فيما يتعلق بشؤون الجماع وأحواله.

البهر :
هو انقطاع النفس، أو هو صوت للنفس يكون خفيفا وقصيرا ، وقد يتتابع متقطعا، وأكثر ما يكون عند شدة الإحساس والتهيج الجنسي، وغالبا ما يكون نتيجة لمداعبة فجائية، أو عند الانتقال سريعا من مداعبة عضو إلى آخر أشد منه حساسية، كما لو أعقب التقبيل الانتقال فجاءة للصدر، أو كانت المداعبة متتابعة في الصدر والبطن ثم بحركة مفاجئة تنتقل إلى ما دون ذلك.
 

النخير :
النخير في الأصل هو الصوت الخارج من الأنف، ونخر نخيراً أي مد الصوت في خياشيمه وصوَّت كأنه نغمة جاءت مضطربة.
وقديما كان هذا الفعل عند العرب من أبلغ ما يهيج، ومن أكثر الأمور إثارة حال الجماع، وقد رووا فيه قصصا كثيرا، وجاء في لسان العرب :... ويقال امرأة منخار أي تنخر عند الجماع كأنها مجنونة، ومن الرجال من ينخر عند الجماع حتى يسمع نخيره.
_ قيل لأحد الفقهاء ( أبو الزناد ) : أنْخَرُ عند الجماع? قال: يا بُنيَّ إذا خلوت فاصنع ما أحببت. قال: يا عمِّ، أتنخرُ أنت? قال: يا بنيّ، لو رأيت عمَّك يجامع لظننت أنّه لا يؤمن بالله العظيم!
_ وسألت ( حُبى المدينية ) ابنتها : كيف ترين زوجك ؟ فقالت : خير زوج، أحسن الناس خلقا وخلقا، إلا أنه يكلفني أمرا صعبا قد ضقت به ذرعا، يقول عند نزول شهوته وشهوتي انخري تحتي، فقالت حبى : وهل يطيب جماع بغير رهز ونخير ؟!
ثم حكت ( حبى ) لابنتها قصة لها مع زوجها بشأن ( النخير ) ، وقد تناقلتها الكثير من كتب الأدب والأمثال، إلا أنه ليس من المستساغ ذكرها هنا.
ويحكى أن ظُلمة: امرأة من هُذيل زَنت أربعين عاماً "وقادت أربعين عاماً، فلما عَجزت عن الزِّنا والقَوْد اتَّخَذت تَيْساَ وعَنْزاً، فكانت تُنْزِى التَيْس على العنز، فقِيل لها: لم تَفْعلين ذلك? قالت: حتى أسمع أنْفاس الْجِماع.
 

ملاحظة :
قد يُتصنع ويُفتعل مثل هذا الفعل من أجل تأجيج الموقف، وجلب مزيد من الإثارة، ومما يروى من حكايات في ذلك :
- أن عائشة بنت طلحة ( وهي امرأة ذات جاه وشرف، وزوجة لأحد الأمراء ) بينما تتحدث مع ضيفة لها، إذ دخل زوجها ودعا بها إلى المخدع، وواقعها، فسمعت تلك المرأة غطيطاً وشهيقاً ونخيراً لم تسمع مثله قط، ثم خرجت عائشة ـ وجبينها يتفصد عرقاً ـ فقالت لها مستنكرة : أنت في شرفك وقدرك !! ما ظننت حرة تفعل مثل هذا !؟! فأجابتها عائشة : إن الخيل العتاق تشرب بالصفير، أو قالت : لا تجيد الشرب إلا بالصفير، ورووا أنها قالت: الفحولة إن لم تستهب لم تهب.
- وراود أحد الخلفاء زوجته، وعند دنوه منها نخرت نخرة شهوة، ثم وضعت يدها على وجهها ـ كالمستحيية ـ فقال : لا سوأة عليك، فوالله لخيركن النخارات الشخارات.
 

حكم إظهار الصوت ومده بالتنفس عند الجماع :الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن لا شيء في ذلك ولا حرج، ذلك أن حسن التبعل من المطلوب شرعا حال الجماع، وكل ما يعين عليه، وهذا منه، بل ومن أعظمه أثرا، لا سيما إن قارنه أو أعقبه شيء التدلل والتغنج، والتخادر والتبنج، وشيء من الآهات وخفيف الصرخات، وشدة الرهز مع تنوع الحركات، ثم ليكن سحب البطون على البطون، والأخذ بالذوائب والقرون، إلى أن تصطفق الأركاب، وتلتقي الأسباب بالأسباب.......
لكن ذلك كله مقرون بشرط من الأهمية بمكان، ألا وهو : أن بأمنا عدم وصول ما تقدم إلى مسامع الآخرين، أو يشعر به من حولهم من الراشدين، فذاك من خوارم المرؤة، ومما لا يليق بأخلاق الكرام، وقد جاء في الحديث : أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الوجس، وقد فسر بأنه إتيان الرجل امرأته أو جاريته والأخرى تسمع حسهما، وسئل الحسن عن الرجل يجامع المرأة والأخرى تسمع ؟ فقال :كانوا يكرهون الوجس، قال أبو عبيد : هو الصوت الخفي.
هذا وقد وردت الكثير من الأحاديث والآثار في النهي عن النخير خصوصا حال الجماع، وبنى عليها بعض الفقهاء من أهل المذاهب المختلفة القول بتحريمه أو كراهته، لكن الراجح عدم التعويل عليها إذ لم يصح عند المحققين من أهل العلم شيء من تلك الأحاديث، والله أعلم.
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق